5 ث - ترجم

حكايات القراءة
عبد القادر دقاش

جاء في بعض كتب الأقدمين، أن من يقرأ الكتب بدون معلم، لن يفلح أبدا. فالكتب تحتاج إلى معلم يشرح ما خفى، ويفسر ماغمض.. ويضربون في ذلك الأمثال، فقد قيل، إن تلميذا كان يبحث عن علاج لوالده الذي أصيب بمرض عضال أعيا الطبيب المداويا ، فبدأ يبحث بنفسه في الكتب فقرأ في أحد الكتب: ( الحية السوداء دواء من كل داء) فبحث عن حية سوداء فقتلها وصنع منها حساء سقاه والده فأهلكه.. فتعجب من ذلك، وأقسم لمعزييه أنه فعل ما هو مكتوب في الكتاب بحذافيره.. فقال له أحدهم جئنا بالكتاب، فجاء به.. فمسح بطرف ثوبة ( النقطة الزائدة ) التي التصقت بكلمة ( الحبة )، وقال له ساخرا..إنها ( الحبة السوداء ) وليست ( الحية السوداء ). وذلك مثل يضربه ( معلمو ) ذلك الزمان الذين يريدون أن يبقوا تلاميذهم.. تلاميذَ مدى الحياة..
لكن أين تكمن أهمية المعلم؟ هل المعلم هو الذي يظل طوال حياته أفضل من تلاميذه، أم أن المعلم هو الذي يتفوق تلاميذه عليه؟
قيل إن ابن مالك صاحب الألفيه، لما نظم ألفيته اغتر غرورا شديدا، ورأى أنه تفوق على أستاذه ( ابن معطي ) فكتب مادحا ألفيته: وتقتضي رضا بغير سخط ..فائقة ألفية ابن معطي
فقيل: فما كان الليل حتى رأى فيما يرى النائم أن ابن معط قد أقبل يعاتبه عتابا شديدا، فلما أفاق من نومه أصلح من هذا الغرور وقال: " وهو بسبق حائز تفضيلا.. مستوجب ثنائي الجميلا".
ولكن أيا ما كان، فإن ابن مالك متفوق على ( ابن معطي )، لأن ( ابن معطي ) ترك أثرا، بنى عليه ابن مالك ، والمعلم تتحقق قيمته في تلاميذه، فإذا هم جحدوه قتلوه وإذا قدسوه قتلوه أيضا.. أما إذا نهلوا منه وتجاوزوه، فإنهم يخلدونه.
اقرأ لتحيا#